الصناعة: الأنثروبولوجيا، و الأركيولوجيا، والعمارة، والفن
تيم إنجولد
ترجمة: يامن زينة

الصناعة تخلق المعرفة، تبني البيئات، وتحول الحياة. إذ إن الأنثروبولوجيا و الأركيولوجيا والفن والعمارة جميعها طرق للصناعة. في هذا الكتاب المثير للاهتمام، يقوم تيم إنجولد بربط أربعة مساقات مع بعضها البعض، بطريقة لم يسبق لها مثيل. فبدلًا من التعامل مع الفن والعمارة باعتبارهما موضوعات مختزلة يقوم علماء الأنثربولوجيا و الأركيولوجيا بتحليلها، يقوم إنجولد بالدفاع عن طريقة في التفكير من خلال الصناعة يستطيع الممارسون بوعيهم وموضوعاتهم الفعّالة، الإجابة عليها وعلى نحو مستمر، أو حتى "التبادل" فيما بينهم في عملية توليد التكوين (أو الشكل).
تقدم الصناعة سلسلة من الانعكاسات الفكرية العميقة على فهم ماهية تكوين الأشياء، وعلى ماهية المواد والأشكال، وأيضاً على ماهية التصميم، وإدراك تصميم المشاهد الطبيعية (landscape)، وحركة الحياة، وعلى المعرفة الذاتية والحرفة. وتعتمد على أمثلة وتجارب تبدأ من صناعة الأدوات الحجرية في عصر ما قبل التاريخ، إلى بناء الكاتدرائيات في العصور الوسطى، ومن أكواخ الطين الدائرية إلى الصروح الأثرية، ومن الطائرات الورقية إلى الأوتار الموسيقية، ومن الرسم إلى الكتابة.
يقول تيم إنجولد في مقدمة الكتاب:
"يعرف هذا الكتاب في بالي وبال كل من تكلمت له عنه، بـ "4A" - أي 4-أ. حيث أن هذه 4-أ، قيد البحث، هي أنثروبولوجيا (Anthropology)، أركيولوجيا (Archaeology)، وآرت أي الفن (Art)، وآركتكتشر أي العمارة (Architecture). لقد كنت أقوم بتدريس هذا المقرّر تحت هذا العنوان لمجموعات متنوعة من طلاب الجامعة والخرّيجين لسنوات عدّة، حتى ظهرت الفكرة في تحويل هذا المقرر إلى كتاب بحيث لا أعود مضطّرًا إلى تدريسه مجدّدًا."
التعريف بتيم إنجولد:
تعددت اهتمامات إنجولد من حيث المجالات ويتسم طابع البحث لديه بالفردانية (individualistic)، حيث تحتوي أبحاثه على الإدراك البيئي، واللغة، والتقنية، وممارسة تطوير الذات، والفن، والعمارة، والإبداع، نظريات التطور في الأنثروبولوجيا، وعلاقات الإنسان بالحيوان، والتوجهات البيئية في الأنثروبولوجيا.
بدأت اهتماماته بدراسة الشعوب القاطنين حول القطب الشمالي، في مراقبة سلوكهم، على سبيل المقارنة، في الصيد والرعي والزراعة، كطرق بديلة لفعّاليات كانت هذه الشعوب تقوم بها حيث كانوا معتمدين في معيشتهم على صيد غزلان الرنّة، والكاريبو.
يربط إنجولد في أعماله الحديثة مباحث عن الإدراك البيئي وممارسات تطوير الذات، بحيث يستبدل نماذج تقليدية عن الموروثات الجينية والثقافية، تم تأسيسها على التزاوج الحادث بين الداروينية المحدثة في البيولوجيا وعلم الإدراك، من خلال مقاربة علائقية تركز على نمو المهارات المتجسدة للإدراك والفعل ضمن السياقات البيئية للتطور الإنساني. وهذا ما جعله يختبر استخدام المسارات الكامنة في الثقافة، وأيضًا في اختبار العلاقة بين الأنثروبولوجيا، والعمارة، والفن، والتصميم. حيث يقوم بمناقشة جميع خبراته في كتاب "الطريق من العلم إلى الفن ثم العودة مجدّدًا: بندول الأنثروبولوجي" -
(From Science to Art and Back Again: The Pendulum of an Anthropologist, 2016)
يستكشف إنجولد ضمن المجال الأنثروبولوجي للفينومينولوجيا، الإنسان باعتباره كائنًا حيًّا "يتحسس" طريقه في العالم الذي "هو بدوره في حالة الحركة". إذ يقوم البشر بالخلق ومن ثم التغير بسبب الأماكن والفراغات التي يتعرضون لها.
المصدر:
MAKING: ANTHROPOLOGY, ARCHITECTURE, ART, AND ARCHITECTURE BY TIM INGOLD, 2013