top of page

القصدانية (Intentionality)

Updated: Jan 17, 2021

(في اللاتينية: intentio، من الفعل: intendere، ويعني ’أن يمدد، أو يبسط’) هو خاصية للوعي من خلالها يشير إلى م

وضوع ما أو يقصده. والموضوع الذي يكون في جهة القصد ليس بالضرورة أن يكون شيئًا واقعيًا أو موجودًا، ولكنه مجرد الشيء الذي يدور حوله الفعل الذهني. والقصدانية هي المكافئ للمصطلح (intentio) السكولائي.

(في الألمانية، Intentionalität ) عند هوسرل: أولًا - (في معناه الأوسع) هو ما يميز طبيعة أي شيء من حيث أنه يقصد ما هو خارج عن ذاته أو يشير إليه؛ أي تجاوزية-الذات. ثانيًا - (في معناه الأكثر شيوعًا) هو ما يميز طبيعة الوعي من حيث أنه يشير إلى ما هو خارج عن ذاته ، باعتباره وعيًا لأمر ما، وباعتباره يمتلك أفقًا من المقصودات المتشاركة: أي القصدانية النويطيقية. ثالثًا - ما يميز طبيعة موضوع ما غير الوعي ذاته من حيث أنه يشير إلى ما هو خارج عن ذاته، على سبيل المثال، إلى خلفيته الموضوعية أو إلى شيء ما يمثله أو يشير إليه: القصدانية الموضوعية، رابعًا - ما يميز طبيعة الجهوية (modality) من حيث الإشارة الراجعة إلى ’الأصلي’ من بين ما يعتبر على نحو متأصل تحويرات عنه. (1)

في فلسفة العقل، وفلسفة اللغة، والفلسفة الأوروبية

سمة مميزة للهيئات العقلية واللغوية، والتي بموجبها فإنها تمتلك موضوعًا أو مضمومنًا ما، وتكون بالتالي حول شيء ما. لقد تم طرح مشكلة القصدانية بشكل صريح في ’محاورة ثياتيتوس’ لأفلاطون عند السؤال عن ’كيف يمكننا التفكير في الأشياء التي ليست كائنة’. كان برينتانو (Brentano) هو أول من قدم هذا الاصطلاح في الفلسفة الحديثة، على اعتباره السمة الأساسية للفعل العقلي أو الوعي، وأعني به توجهه نحو الموضوعات وإشارته إلى مضمون ما.

قام برينتانو بتخصيص هذه السمة فيما يتعلق بالوجود القصدي (الوجود-في-العقل أو الموضوعية المحايثة) لأن موضوعات الوعي لا تحتاج إلى أن توجد، وأن بعضها، مثل المربع الدائري، لا يمكن له أن يوجد. ويُنظر إلى القصدانية على أنها علاقة بين فعل عقلي وموضوع أو مضمون، والذي يتم وضعه باعتباره حدًّا [أو غاية] (terminus) فعل عقلي ما. مع ذلك، وعلى الرغم من أن القصدانية تكون موجهة نحو موضوع أو مضمون ما، فلا داعي لوجود ذلك الموضوع ولا يلزم أن ذلك المضمون صحيحًا. أصبح تفسير هذه السمة للقصدانية على أنها إشكالية فلسفية مُحيّرة للغاية. وضع ماينونج (Meinong)، وهو تلميذ برينتانو، منظومة متقنة من الكائنات غير الاعتيادية كموضوعات للقصدانية باعتبارها نتيجة لتمييزه بين طبيعة موضوع ما وما يمتلك من كينونة. أما نظرية رسّل (Russell) عن الأوصاف فقد حاولت إزالة هذا التكاثر (proliferation) الأنطولوجي.

أخذ هوسرل مفهوم القصدانية عن برينتانو وحوله إلى مفهوم أساسي الفنومنولوجيا. حيث أن قصدانية الأفعال العقلية، بالنسبة له، لا تستلزم أنها يجب أن تمتلك موضوعات. إن توجّه تجربة ما هو سمة متأصلة، إذ لا يتطلب منا أن نضع كائناً ما بحيث يكون موضوعاً توجه إليه التجربة. وبالنسبة لهوسرل، يُعطي النُّويما (noema) للفعل العقلي ما يمتلكه من توجّه ومن دلالة. وكان لدراسة هوسرل عن القصدانية تأثير كبير على فلسفة اللغة والعقل.

تميز فلسفة اللغة المعاصرة بين الأفعال القصدية وغير القصدية. فمن حيث اعتبارها مادة للمنطق، لا تتطلب أفعال اللغة القصدية، مثل "أن يرغب" أو "أن يعتقد"، وجود موضوعات لها أو كون مضامينها صحيحة، في حين أن الأفعال غير القصدية، التي تتضمن أفعال اللغة العقلية مثل "أن يدرك" أو "أن يعرف"، فإنها تتطلب وجود موضوعات لها أو تتطلب صحة مضمونها. ويتّبع بعض الفلاسفة كواين (Quine) في السعي إلى تقليل أو إزالة مفهوم القصدانية من تفسيرنا للعالم.

"نحن نفهم تحت معنى القصدانية تلك الخصوصية المتفرّدة للتجارب ’على اعتبار أنها وعي لشيء ما’"، الأفكار، هوسرل. (2)

في القاموس التاريخي لهوسرل

يمتد مصطلح "القصدانية"، في استخدامه الفلسفي، إلى ما هو أبعد من الدلالة اليومية باعتبار أنه مرتبط بحرية الإرادة. إن القصدانية هي تلك السمة الخاصة بتجربة الوعي، التي بموجبها يكون هذا الأخير موجهًا-إلى، أو يميل-نحو، أمر ما. عادةً ما يستخدم مصطلح "القصدانية" فلسفيًا للإشارة إلى فعل ما يكون موجهاً إلى موضوع ما. على سبيل المثال، فعل الإدراك البصري يكون موجهًا إلى شيء ماديِّ في المكان؛ وفعل التذكر يكون موجهًا إلى شيء ما في الزمن الماضي؛ وفعل الحكم يكون موجهًا إلى حالة من الشؤون؛ وفعل الإرادة يكون موجهًا إلى حالة من الشؤون (على نحو مفترض) يمكن تحقيقها في الواقع من خلال الفعل؛ وهلم جرا. في حين أن ما سبق هو المعنى الفلسفي الأكثر شيوعًا، يمكن أيضًا استخدام المصطلح للإشارة ببساطة على نطاق أوسع إلى ميزة التوجّه (directednes). ومن ثم ، يمكن استخدامه للإشارة إلى التوجّه القصدي غير-المُمَوْضع وما قبل-التفَكّري، من مرحلة لحظية ما في الوعي إلى مراحل واعية أخرى؛ من خلال حفظ اللحظة الماضية واستشراف التالية، وللإشارة إلى القصدانية غير المُمَوْضعة التي تكون فاعلة في الشعور-بالذات على نحو ما قبل-تَفكّري. (3)

في القاموس التاريخي لهيدغر

في الألمانية (Intentionalität). القصدانية هي إحدى الفتوحات الأساسية في فنومنولوجيا إدموند هوسرل. فقد أخذ هوسرل عن فرانز برينتانو تلك البصيرة التي ترى بأن الطبيعة المميزة للوعي هي قصدانيته. حيث يميز هوسرل بين دلالة الفعل الواعي والموضوع الذي يدور حوله. أما هيدجر فقد حوَّل تصّور هوسرل عن قصدانية الوعي إلى تصور تأويلي (هرمينوطيقي) عن قصدانية الدّازين (Dasein) (أي كينونة-الهناك). تكمن ماهية الدّازين في وجوده أو في كينونة-الخارج-تجاه (being-out-toward)، وأقصد بذلك، سلوكَا ضمن العالم، والذي يكون نمطه في القصد أمرًا متعلقًا أكثر بالمتطلبات العملية من القدر الذي يكون فيه معرفة نظرية. ويميز هيدجر في كتابه ’الزمان والكينونة’ بين ثلاثة معانِ مختلفة عن القصدانية وعلاقتها بالعالم: (أولاً) القصدانية وعالم الحدس النظري؛ (ثانيًا) القصدانية وعالم الانشغال العملي والتبصّر؛ و (ثالثًا) القصدانية الأصلية والفهم الخاص بعالمية الدّازين، حيث أن هذا المعنى الأخير يرتكز عليه المعنيان الأول والثاني. بالنسبة للدّازين، يكون العالم دائمًا عبارة عن "عوالم" (weltet). وإن نقطة البداية في الفنومنولوجيا هي ليست واقعًا ولا مبدأً ما، بل هي الواقعانية المحضة الخاصة بالـ "إنّه يُعَالَم"، [مصطلح لهيدغر يحول فيه كلمة ’العالم’ إلى فعل ’يُعَالَم’، في وصفه للسياق الدلالي الذي ’يُعطينا عالمًا ما’ (es weltet)]. - راجع (4)


المصادر:

  1. - The Dictionary of Philosophy by Dagobert D. Runes

  2. - The Blackwell Dictionary of Western Philosophy by Nicholas Bunnin, Jiyuan Yu

  3. - Historical Dictionary of Husserl's Philosophy by John J. Drummond

  4. - Historical Dictionary of Heidegger's Philosophy by Frank Schalow and Alfred Denker


31 views0 comments

Recent Posts

See All
Post: Blog2_Post
bottom of page